شهد مهرجان بنزرت الدولي في دورته الـ 41 حادثة مؤسفة أضفت بُعداً سلبياً على هذا الحدث الثقافي ، حيث تعرض سمارا إلى الاعتداء بقناني الماء، مما اضطره إلى وقف الحفل بعد 80 دقيقة من بداية الحفل .
تثير هذه الحادثة العديد من التساؤلات حول الأسباب التي دفعت بعض أفراد الجمهور إلى هذا التصرف .
هل هو مجرد حماس تحول إلى عنف؟ أم أنه تعبير عن استياء ؟ أم أن هناك أسباباً أعمق تكمن وراء هذا السلوك؟ لا شك أن هذه الحادثة تركت آثاراً سلبية على عدة مستويات. فمن ناحية، سلطت الضوء على مشكلة العنف في الحفلات والمهرجانات، والتي باتت تؤرق المنظمين والجمهور على حد سواء. ومن ناحية أخرى، أثارت جدلاً واسعاً حول دور الفن في المجتمع، ومدى تقبل الجمهور لأنواع موسيقية مختلفة، مثل الراب الذي يعتبره البعض خارجاً عن المألوف.
لا شك ان الراب يحضي بشعبية واسعة في تونس، خاصة بين الشباب. إلا أن هذه الشعبية تصاحبها في الوقت نفسه جدالات حادة حول مضمون كلماتها، اذ يعتبرها البعض تحتوي على عنف ولغة بذيئة. وقد ساهم هذا الجدل في تكوين صورة نمطية عن الراب باعتباره نوعاً من الموسيقى التي تحث على العنف والتطرف.
من الضروري تحليل المسؤوليات ، وذلك لتحديد الأسباب الحقيقية ووضع الحلول المناسبة. يتحمل الجمهور جزءاً كبيراً من المسؤولية، اذ يجب عليه التصرف بمسؤولية واحترام الآخرين، وعدم السماح لأي سبب أن يدفعه إلى أعمال العنف.
كما يتحمل الفنان أيضاً بعض المسؤولية، حيث يجب عليه التحلي بالهدوء والسيطرة على الموقف، ودعوة الجمهور إلى الهدوء. للمنظمين مسؤولية كبيرة في توفير السلامة والحماية للجمهور والفنانين، واتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع حدوث مثل هذه الحوادث.
يتحمل المجتمع ككل كذالك المسؤولية في خلق بيئة ثقافية تحترم التنوع والاختلاف، وتقبل الرأي والرأي الآخر. إن حادثة بنزرت تدق ناقوس الخطر، وتدعونا إلى إعادة التفكير في علاقتنا بالفن و مختلف أنواع الموسيقى، وفي دورنا كجمهور وفنانين ومنظمين.
يجب علينا جميعاً العمل سوياً لخلق بيئة ثقافية آمنة ومحترمة، حيث يمكن للجميع التعبير عن أنفسهم بحرية دون خوف أو تهديد. ومن أجل تجنب تكرار مثل هذه الحوادث في المستقبل، يمكن تنظيم حملات توعية واسعة النطاق لتعريف الجمهور بأهمية السلوك الحضاري في الحفلات والمهرجانات.
لا بد من تنظيم الحفلات بطريقة عملية، مع مراعاة جميع جوانب السلامة واللوجستية. فتح حوار مجتمعي حول موضوع العنف في الحفلات، والبحث عن حلول مشتركة لهذه المشكلة. كما يمكن القول إن حادثة بنزرت هي فرصة للتفكير والتأمل، وهي دعوة إلى العمل سوياً لبناء مجتمع أكثر تسامحاً واحتراماً للآخر.