في كل عام، يحتفل التونسيون بعيد المرأة في 13 أوت، وهو يوم يجسد تكريمًا لدور المرأة في بناء المجتمع. هذا اليوم يذكرنا بأن المرأة ليست فقط نصف المجتمع، بل هي أيضًا الأم، الأخت، الصديقة، الابنة، والعاملة التي تسهم في تقدم الأمم. المرأة التونسية لها تاريخ طويل من الإنجازات والنضال الذي جعلها مثالاً يُحتذى به في العالم العربي. تغنى الشعراء منذ القدم بجمال المرأة وحكمتها ودورها الحيوي. يقول الشاعر نزار قباني في قصيدته “أحبكِ”: “يا امرأةً تُبقي الشمسَ واقفةً وتُرجِعُ الليلةَ للمحراب” هذه الأبيات تعكس القدرة الهائلة للمرأة على التأثير والتحكم في الحياة بأكملها. المرأة في الشعر ليست فقط موضوعًا للجمال، بل هي قوة مُلهِمة تُضيء الدروب. أحمد شوقي، أمير الشعراء، يقول: “الأم مدرسةٌ إذا أعددتها أعددت شعبًا طيب الأعراق” هنا يبرز شوقي دور المرأة كأم، معلم أول للمجتمع، وصانعة أجيال المستقبل. لعبت المرأة دورًا محوريًا في المجتمع على مر العصور، وقد عبرت عن ذلك العديد من المقولات. يقول المهندس والكاتب جورج برنارد شو: “يمكنك أن تحكم على درجة تطور المجتمع من خلال موقفه من المرأة.” من هنا يتضح أن رفعة المجتمع مرتبطة بكيفية معاملة النساء وتقدير أدوارهن المختلفة. في تونس، كان للزعيم الحبيب بورقيبة دور كبير في تعزيز حقوق المرأة من خلال إصدار مجلة الأحوال الشخصية في 13 أوت 1956، حيث قال: “المرأة التونسية هي صانعة الحضارة ورمز النضال.” هذه المقولة تعكس إيمان بورقيبة الراسخ بأن المرأة هي أساس تقدم المجتمع ورقيه. لم تكن المرأة التونسية بعيدة عن الإنجازات البارزة، بل كانت سباقة في تحقيق العديد من المكاسب التي جعلتها تحتل مكانة رائدة في المجتمع. كانت التونسية عصمت شاهين أول امرأة عربية وإفريقية تقود طائرة، محققة إنجازًا غير مسبوق للمرأة التونسية في مجال الطيران، وهو دليل على قدرتها على التفوق في المجالات التي كانت تُعتبر حكرًا على الرجال. تُعد عزيزة عثمانة واحدة من أعظم النساء في التاريخ التونسي، حيث عُرفت بأعمالها الخيرية العظيمة وتضحياتها من أجل رفاهية المجتمع. أنشأت العديد من المستشفيات ومراكز الإيواء، مما جعلها رمزًا للعطاء والبذل. لم يكن نضال المرأة التونسية محدودًا بالمجال الاجتماعي فقط، بل شاركت في معركة الاستقلال بكل شجاعة. حسيبة بن بوعلي وجميلة بوحيرد، من أشهر النساء اللاتي ناضلن ضد الاستعمار الفرنسي، وقمن بأدوار بطولية في المقاومة، حيث كن يشاركن في التخطيط والتنفيذ لعمليات المقاومة. أسهمت تضحياتهن في تحقيق الاستقلال وأصبحن رمزًا للشجاعة والتفاني في سبيل الوطن. في كتابه “امرأتنا في الشريعة والمجتمع”، يُشير الطاهر الحداد إلى أهمية تحرير المرأة ومنحها حقوقها الكاملة، قائلاً: “المرأة ليست نصف المجتمع فحسب، بل هي المجتمع كله، لأنها تربي وتثقف نصفه الآخر.” الحداد يرى أن تحرر المرأة ليس فقط واجبًا أخلاقيًا، بل هو ضرورة حضارية لاستمرارية تطور المجتمع. لقد أثنى الأدب الأوروبي على المرأة ودورها. فولتير، الفيلسوف الفرنسي الشهير، يقول: “المرأة هي أشعة الشمس التي تشرق في حياتنا وتغمرنا بالدفء.” أما الشاعرة سيلفيا بلاث، فتكتب: “المرأة ليست مجرد زهرة تزين الحياة، بل هي القوة التي تجعل الحياة ممكنة.” إن الاحتفاء بعيد المرأة ليس مجرد مناسبة عابرة، بل هو تكريم مستحق لما تقدمه النساء من تضحيات وإنجازات في جميع مجالات الحياة. المرأة هي الأساس المتين لبناء المجتمعات، لذا يجب أن نواصل دعمها وتقديرها لتظل شريكًا فعالًا في التقدم والازدهار.
بقلم ايمان السويلمي