العبادة في الإسلام مفهوم واسع وشامل لا يقتصر فقط على إقامة أركان الإسلام الخمسة الأساسية بالإضافة إلى النوافل، بل يتسع هذا المفهوم ليشمل كل تصرفات الإنسان في الحياة
حيث تتوجب
1 – النية:
فجميع العبادات تؤدى بهذا المقصد، لا يجوز التوجه والعبادة إلا إلى الله وحده، ﴿ وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [الأنعام: 79]، ولا عمل بدون نية؛ فهو لا يصلي إلا لله، ولا يزكي إلا لله، ولا يصوم إلا لله، ولا يحج إلا لله، وإن فعل غير ذلك لا يقبل منه هذا العمل؛ ﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴾ [الكهف: 110]، ويقول صلى الله عليه وسلم: ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى))
القيام بأركان الإسلام الخمسة
1- الصيام:
قوله صلى الله عليه وسلم: ((مَن لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة أن يدَعَ طعامه وشرابه))
2-الصلاة:
ومقاصد الصلاة أظهر الله سبحانه بعضها، واستنبط العلماء جزءًا منها، ولا زال الكثير من مقاصدها لم يظهر حتى الآن، وقد ألف الحكيم الترمذي في القرن الثالث كتابًا سماه: مقاصد الصلاة وأسرارها، ومن أهم مقاصد الصلاة:
تحقيق عبودية الله: ﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي ﴾ [طه: 14].
الخشوع: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴾ [المؤمنون: 1، 2].
التذلُّل لله: من قيام وركوع، وسجود ودعاء، وهذا أسمى مراتب العبودية لله سبحانه ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [الحج: 77].
3- الزكاة
1- التوسع والإكثار منها: لما فيها من الخير والمصالح العامة والخاصة على المسلمين؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((إذا مات ابن آدم، انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو عمل ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له))
4-الصيام:
وأيضًا مقاصد الصيام كثيرة ومتنوعة، تعرف عليها العلماء من خلال فهم واستقراء النصوص والأحكام الخاصة بالصيام، ومن أهم هذه المقاصد:
كف النفس عن الرفث والخنا؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((الصيام جُنَّة… فلا يرفث ولا يجهل))
5-الحج:
ومقاصد الحج كثيرة، ونوَّه الله عليها فقال: ﴿ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ ﴾ [الحج: 28]، وقد ألف د/ عبدالوهاب أبو سليمان كتابًا سماه: “المقاصد في المناسك”
أهمية العبادات في حياة الإنسان
1 – ربط العباد بالله سبحانه:
فنجد أن العبادات كلها تربط الإنسان بالله في توجهه وحياته، وأدائها؛ فهو يصلي – على الأقل – كل يوم خمس مرات، ويؤدي زكاة ماله، ويصوم على الأقل شهرًا كل عام، ويحج إن استطاع، وكل ذلك يجعل الإنسان ذاكرًا لربه، مرتبطًا به جل وعلا.
2 – استشعار العباد بالافتقار الدائم إلى الله: ليراقبوه فيحققوا العبودية؛ فدائمًا يستشعر العباد وهم يؤدون عبادتهم أنهم مفتقرون إلى الله، وهل قبلت أعمالهم فيحمدون الله، أم ردت عليهم؟! وهذا يحقق مقصد العبودية الخالصة لله عز وجل.
3 – التخفيف ورفع الحرج: فمن نعم الله علينا أن جعل التخفيف ورفع الحرج من مقاصد العبادات؛ قال سبحانه: ﴿ يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا ﴾ [النساء: 28].
ففي الصلاة: إذا سافر الإنسان قصر في صلاته الرباعية وجمع، وإذا كان مريضًا، أو مطر ونحوه، يجوز له الجمع بين الصلوات، وفي الزكاة: لا تجب الزكاة إلا إذا بلغت النصاب وجاء وقت أدائها، وفي الصوم: جواز الإفطار للمريض والمسافر، وفي الحج: جعل على المستطيع ﴿ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ﴾ [آل عمران: 97].
4 – تهذيب وتطهير وتصحيح للنفوس: فالعبادات تهذب النفس، وتطهرها، وتصحح النفوس؛ ففي الصلاة: ﴿ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ [العنكبوت: 45]، وفي الزكاة: ﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [التوبة: 103].
5 – الحث على وحدة الأمة: وذلك بالحث على أداء العبادات جماعة، ورفع الله شأن القيام بها جماعة، ففي الصلاة: شرعت الصلاة جماعة، وفي الصيام: يصومون شهرًا واحدًا، وهو رمضان، في وقت واحد، ويفطرون في وقت واحد، وفي الزكاة: يقف الأغنياء بجانب الفقراء، فيحصل تكافل وتعاون، وفي الحج: في وقت واحد، ومناسك واحدة، وزي واحد.
6 – تأكيد مبدأ المساواة: وهذا ما أكده الإسلام من خلال العبادات التي فرضها الله سبحانه، ففي الصلاة: افترضت على جميع الناس، ويقفون صفًّا واحدًا، وفي الصيام: كل الناس يصومون، وفي الزكاة: كل من بلغ النصاب يزكي، وفي الحج بمناسك واحدة، وزي واحد.
7- تهذيب السلوك؛ قال تعالى: ﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ [العنكبوت: 45].
8- نظام الألفة بين المصلين: ولذلك شرعت المساجد في المحالِّ؛ ليحصل التعاهد باللقاء في أوقات الصلاة بين الجيران.
9- التعليم: حيث يتعلم الجاهل من العالم ما يجهله من أحكام الصلاة.
10- محو الذنوب والخطايا: عن عثمان رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما من امرئ مسلم تحضره صلاة مكتوبة، فيُحسن وضوءها وخشوعها وركوعها، إلا كانت كفارة لما قبلها من الذنوب، ما لم يؤتَ كبيرة، وذلك الدهرَ كلَّه))
11- تعلم الصبر على الشدائد: ﴿ يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا * نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا * إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا ﴾ [المزمل: 1 – 5].
12- تجلب طمأنينة النفس: عن أنس بن مالك رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((حُبِّبَ إليَّ النساء والطيب، وجعل قرة عيني في الصلاة)) وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حزبه قال: ((أرِحْنا بالصلاة يا بلال)).
13- أن تكون صادرة عن طيب نفس لا يخالجه تردد: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ [البقرة: 153].
14- تحقيق العدالة: لقوله صلى الله عليه وسلم: ((تؤخذ من أغنيائهم فترد إلى فقرائهم)).
15- تحقيق النماء: النماء العائد على الشخص المنفق أو المتصدق أو المزكي، ونماء للفقير الذي أخذ الصدقة، فيعف نفسه وأهله؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((ما نقص مال من صدقة)).
16- تطهير القلب وتزكيته؛ قال تعالى: ﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [التوبة: 103].
17- تحقيق المواساة: يقول ابن عاشور: “عقود التبرعات قائمة على أساس المواساة بين أفراد الأمة لمعنى الأخوة؛ فهي مصلحة جليلة، وأثر خلق إسلامي جميل، فبها حصلت مساعفة المعوزين، وإغناء المقترين، وإقامة الجمِّ من مصالح المسلمين.
18- تبادل المال: حتى لا يكون المال مع فئة دون أخرى؛ قال تعالى: ﴿ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ ﴾ [الحشر: 7].
19- ألا يجعل التبرع ذريعة إلى إضاعة مال الغير: من حق وارث أو دائن؛ ولذلك قال صلى الله عليه وسلم لسعد لما أراد أن يوصي بماله كله لله، قال له صلى الله عليه وسلم: ((الثلث، والثلث كثير؛ إنك أن تدَعَ ورثتك أغنياء خيرٌ من أن تدعهم عالة يتكففون الناس)).
20- التيسير ورفع المشقة، فيفطر المسافر والمريض والعجوز الذي لا يقدر على الصيام.
21- تربية المجتمع المسلم أن يتطلع إلى الدار الآخرة: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183].
22- كف الأذى عن الناس لئلا يبطل ثوابه؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((مَن لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه)).
23- السخاء والجود: “وكان صلى الله عليه وسلم جوادًا، وكان أجود ما يكون في رمضان”.
24- صحة للجسد: باستفراغ المواد الفاسدة من المعدة بتقليل الطعام والشراب.
25- تعليم أحكام فقه الصيام، والقيام، وزكاة الفطر وغيرها مما يحتاجه المسلم في رمضان.
26- تعود النفس على الصيام: قال صلى الله عليه وسلم: ((مَن صام رمضان إيمانًا واحتسابًا، غُفر له ما تقدم من ذنبه)).
27- تعود النفس على القيام: قال صلى الله عليه وسلم: ((مَن قام رمضان إيمانًا واحتسابًا، غُفر له ما تقدم من ذنبه.
28- تعود النفس على قراءة القرآن: ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ﴾ [البقرة: 185].
29- الدعاء المستجاب: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [البقرة: 186].
30- الأجر الكبير بدخول الجنة: قال ربُّ العزة في الحديث القدسي: ((كلُّ عمل ابن آدم له، إلا الصوم؛ فإنه لي، وأنا أجزي به)).
[ditty_news_ticker id="9545"]