تلتئم النّدوة العلميّة السّنويّة السّادسة للهيئة الوطنيّة للوقاية من التعذيب هذا العام في سياق خصوصيّ في ظلّ حالة الاستثناء التي أعلنت منذ يوم 25 جويلية 2021 وفي ظلّ استمرار جائحة “كوفيد-19” وإن انحسر انتشارها بفعل حملات التلقيح المتتالية التي اتّخذت نسقا يبعث على الاطمئنان. بيد أنّ نسبة التلقيح في الأماكن السّالبة للحرّية ما تزال محدودة ممّا يقلّص ضمانات حماية حقوق الإنسان كما نصّت عليها المعاهدات الدّوليّة والتشريعات التونسيّة.
وغالبا ما تطرح المرحلة السّابقة للمحاكمة، في إطار الدّعوى الجزائيّة، تحدّيات تتعلّق باحترام حقوق الإنسان ولا سيما عند الاستيقاف وعند الاحتفاظ وعند الإيقاف التحفّظي، حيث أنّ لمخاطر التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيّئة أثرا كبيرا على نتيجة الدّعوى فضلا عن أنّها تعرّض الأشخاص المعنيّين للخطر. وفي الأعمّ الأغلب، يكون الأشخاص المحرومون من حرّيتهم خلال السّاعات الأولى التي تلي الاستيقاف عرضة لمخاطر التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللّاإنسانيّة أو المهينة. من أجل ذلك، كانت مسألة الضّمانات الأساسيّة في مركز أولويّات الآليّات الأمميّة والإقليميّة والمنظمات الدّوليّة والوطنيّة المختصّة.
وما من شكّ في أنّ الآليّات الوطنيّة للوقايةمن التعذيب تلعب دورا مهمّا جدّا في مراقبة مدى إعمال الضّمانات الأساسيّة (القانونيّة والإجرائيّة) في أماكن الاحتجاز، بما في ذلك مخافر الشرطة ومختلف الأماكن المخصّصة للاحتفاظ وكذلك المؤسّسات السّجنيّة في حال الإيقاف التحفّظي، وذلك طبقا لمقتضيات البروتوكول الاختياري لاتفاقيّة مناهضة التعذيب. ومن الواضح أنّ الرّهان المتعلّق بالضّمانات يتجاوز، في الحقيقة، إطارها القانوني ليشمل أيضا إنفاذها فعليّا.
كما تلعب الآليّات الوقائيّة الوطنيّة دورا مركزيّا في هذا الصّدد بفعل سلطاتها الهامّة والفريدة من نوعها، وذلك في توافق مع القانون، ولا سيما من جهة نفاذها إلى كلّ الأماكن السّالبة للحرّية ووصولها إلى كلّ الملفّات والمعلومات الموجودة بهذه الأماكن، ممّا يمكّنها من تتبّع مسار الأشخاص المحرومين من حرّيتهم: من الاستيقاف، إلى تنفيذ العقوبة، مرورا بالاحتفاظ والإيقاف التحفّظي عند الاقتضاء. وبالإضافة على ذلك، يمكن لمراقبي الآليّات الوقائيّة الوطنيّة مقابلة الأشخاص المحرومين من حرّيتهم بصفة فرديّة (دون شهود) ومن ثمّ جمع معلومات عن الطريقة التي عوملوا بها وعن مدى احترام الضّمانات التي ينصّ عليها القانون.
وإنّنا لنعتقد أنّ الأوان قد آن لإعداد بروتوكول شامل يحدّد المعايير المتعلّقة بطرق الاستجواب غير القسري والضّمانات القانونيّة والإجرائيّة عند الاستيقاف والاحتفاظ والإيقاف التحفّظي. وسيسعى هذا البروتوكول إلى أن يضمن، على المستويين القانوني والسّياسي، ألّا يتعرّض الشخص المعني (ذو شبهة أو ضحيّة أو شاهد) للتعذيب وللمعاملات السيّئة أو للضّغط والإكراه أثناء استجوابه من قبل القوّات النظاميّة (الشرطة والحرس) وأجهزة الاستخبارات أو أيّ سلطة مخوّلة بالتحرّي والتحقيق.
ولذلك كلّه، ستركّز النّدوة السّنويّة السّادسة للهيئة الوطنيّة للوقاية من التعذيب على ظروف الاحتجاز خلال الفترة السّابقة للمحاكمة، ولا سيما لدى الجهات الأمنيّة. وسيكون الاهتمام منصبّا على الضّمانات الأساسيّة التي يجب كفالتها لذوي الشّبهة حتّى يتمتّعوا بحقهم في معاملة تحفظ سلامتهم البدنيّة والمعنويّة وتحترم قرينة البراءة التي يتمتّعون بها. وبذا تكون هذه النّدوة فرصة متجدّدة للآليّات الوقائيّة الوطنيّة لتبادل الخبرات والدّروس المستفادة ومن ثمّ إثراء التجارب تفاعليّا.
مقاربة الهيئة الوطنيّة للوقاية من التعذيب في سياق رخو:
إنّ الوقاية من التعذيب عمليّة طويلة الأمد تتطلّب اتّباع نهج شامل. وهنا يكون الإطار القانونيّ ضروريّا لكنّه غير كاف، حيث أنّه من خلال تفحّصها الواقع خلال زياراتها الوقائيّة، ينتظر من الآليّة الوقائيّة الوطنيّة الكشف عن الثغرات وأوجه القصور، واقتراح توصيات من أجل الوقاية من التعذيب من خلال مراقبة تنفيذها، وإقامة حوار مع السّلطات بهدف تحسين ظروف الحرمان من الحرّية طبقا لالتزامات الدّول الأطراف.
إنّ الهيئة الوطنيّة للوقاية من التعذيب حريصة على التأكّد من خلوّ أماكن الاحتجاز من ممارسة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللّاإنسانيّة أو المهينة. وهي حريصة أيضا على مراقبة مدى تلاؤم ظروف الاحتجاز مع المعايير الدّوليّة لحقوق الإنسان والقوانين الوطنيّة، فضلا عن حرصها على حماية الأشخاص ذوي الهشاشة المحرومين من حرّيتهم من الإصابة بالعدوى الوبائيّة لفيروس كورونا المستجدّ الذي يجوس خلال الدّيار منذ شهر مارس 2020.
أمّا في سياق حالة الاستثناء، فقد واصلت الهيئة زياراتها الوقائيّة والاستقصائيّة إلى السّجون ومراكز الاحتفاظ ومحلّات الإقامة الجبريّة، ودأبت على مراسلة السّلطات المعنيّة من أجل التحقق من مدى صون الإجراءات التي تمّ اتّخاذها حقوق الأشخاص المحتجزين (سواء أكانوا في حالة استيقاف أو قيد الاحتفاظ أو تحت الإقامة الجبريّة) ومن مدى مطابقتها للمعايير الوطنيّة والدّوليّة.
وتعمل الهيئة على تسخير إمكاناتها ووسائلها المتاحة لتنفيذ مخطط عملها. وقد نشرت في أوائل شهر سبتمبر 2021 تقريرها حول الزّيارات الاستهدافيّة التي أنجزتها خلال شهر أوت في سياق حالة الاستثناء. وستنشر الهيئة تباعا ملاحظاتها ومعايناتها ونتائج زياراتها وتوصياتها ذات العلاقة بظروف الاحتجاز وبنوعيّة المعاملة داخل الأماكن السّالبة للحرّية بما في ذلك مخافر الشرطة ومراكز الاحتفاظ وأماكن تنفيذ أوامر السّجن.
أهداف النّدوة:
تتوخى هذه النّدوة الدّوليّة التي تنظمها الهيئة الوطنيّة للوقاية من التعذيب بالتعاون مع شركائها الأهداف الرّئيسيّة التالية:
تتوخى هذه النّدوة الدّوليّة التي تنظمها الهيئة الوطنيّة للوقاية من التعذيب بالتعاون مع شركائها الأهداف الرّئيسيّة التالية:
– التعريف بمختلف المقاربات والمنهجيّات التي تتبنّاها الآليّات الوقائيّة الوطنيّة من أجل تأمين الرّصد المنظم للاحتجاز في عهدة الشرطة.
– المقاربة الموضوعيّة للممارسات القائمة راهنا في مجال رصد الاحتجاز في عهدة الشرطة، في سياق جائحة “كوفيد-19″، وعرض حدودها ومحاسنها.
– إبراز آثار الممارسات الشائعة في مضمار الاستيقاف والاحتفاظ والإيقاف التحفّظي.
– تبادل الأفكار والخبرات والتجارب ذات العلاقة برصد الاحتجاز في عهدة الشرطة.
– استنباط الطرق الملائمة لمراقبة مدى جودة حياة الأشخاص المحرومين من حرّيتهم ونوعيّة معاملتهم.
– تعزيز علاقات الشراكة بين الآليّات الوقائيّة الوطنيّة والمؤسّسات الدّولية المختلفة، ولا سيما لجنة الأمم المتحدة الفرعيّة لمنع التعذيب، بغية التعاون بشأن النقاط ذات الاهتمام المشترك والتصدّي للتحدّيات المشتركة. وبصورة أكثر تحديدا، ستتيح الندوة الفرصة للآليّات الوقائيّة الوطنيّة لتعميق النقاش مع الضيوف الدّوليّين، بمن فيهم نظراؤهم في الآليّات الوقائيّة الأخرى، بخصوص الممارسات المجدّدة في مضمار رصد الاحتجاز لدى الشرطة أو في السّجون.
رهانات النّدوة:
– التحليل المقارن للممارسات الشائعة والممارسات المجدّدة.
– التمييز بين الاستيقاف والاحتفاظ والإيقاف التحفّظي.
– التمييز بين الرّصد الوقائي والرّصد الاستقصائي.
– تحليل الظروف الخصوصيّة للاحتجاز في عهدة الشرطة خلال الأزمة الصحّية و/أو حالة الاستثناء.
– تحليل الفجوات بين المعايير الدّوليّة والممارسات المحلّية بشأن كفالة الضّمانات الأساسيّة.
– المقاربة الموقفيّة في مجال الرّصد بالنظر إلى خصوصيّات كلّ بلد: ما هي الاستراتيجيّات التي طوّرتها الآليّات الوقائيّة الوطنيّة من أجل ضمان رصد موثوق؟
محاور النقاش الرّئيسيّة
محاور النقاش الرّئيسيّة
– سلطات الشرطة وحقوق الإنسان.
– العلاقة (الصّلة) بين الكرامة والأمن في أماكن الاحتجاز.
– منهجيّة رصد الاحتجاز في عهدة الشرطة ومقارباته.
– خصوصيّة رصد مراكز الشرطة.
– المعايير الدّوليّة المتعلّقة بسلطات الشرطة وبالاحتجاز في عهدتها.
– عوامل خطر المعاملات السيّئة والتعذيب أثناء الاحتجاز قبل المحاكمة.
– المعايير الدّوليّة والإقليميّة المتعلّقة بالضّمانات أثناء الاحتجاز لدى الشرطة.
– الضّمانات الأساسيّة عند الاستيقاف والوضع قيد الاحتفاظ والإيقاف التحفّظي.
– الرّصد الاستهدافي: الظروف المعيشيّة في الاحتجاز ونوعيّة معاملة عموم المحتجزين والمحتجزين ذوي الهشاشة بشكل خاص.
– الإشكاليّات المرتبطة بالاحتفاظ.
– الممارسات الفضلى للآليّات الوقائيّة الوطنيّة والدّروس المستفادة من تجاربها.
معلومات مفيدة:
1. المكان والزّمان: تلتئم النّدوة في صيغة مزدوجة: حضوريّا في تونس العاصمة ومسافيّا عبر منصّة إلكترونيّة. وتدوم يومين اثنين: 17 و18 ديسمبر 2021.
2. لغات النّدوة: العربيّة والفرنسيّة والانقليزيّة.
3. النشاط الموازي: معرض منشورات الآليّات الوقائيّة الوطنيّة وشركاء الهيئة الوطنيّة للوقاية من التعذيب.
رابط زوم:
https://us02web.zoom.us/j/81241720807
https://us02web.zoom.us/j/81241720807